أثبتت الدراسات أن قراءة قصة ما قبل النوم للأطفال تعزز نموهم النفسي والعقلي، وتنمي خيالهم وقدرتهم على الابداع، وتساعدهم على النوم، كما أنها تعزز التواصل الأسري وتقوي العلاقة بين آباء والأبناء.
قصة ما قبل النوم.. تلك الساحرة التي كانت ترويها الجدات والأمهات في أجيال سابقة للصغار، فتغرس في أذهانهم صروحا من الخيال وتطلق في عقولهم عصافير الدهشة.. قصة ما قبل النوم هذه خرجت في زمن الإنترنت والبلاي ستيشن من حسابات الأمهات ربما لأن الأطفال أصبحوا ينامون أمام الشاشات فيحملون إلى الأسرة من دون قصص. عودوا إليها ففيها الكثير من الفوائد لأطفالكم.
قد يتصور البعض أن قصة ما قبل النوم مجرد وسيلة لإدخال الهدوء والاسترخاء على الطفل حتى يستغرق في النوم، لكن الحقيقة أن هناك الكثير من الأسباب الوجيهة التي تدعو كل أم لقراءة قصة ما قبل النوم لطفلها، منها:
• قصص ما قبل النوم، خاصة عندما تخلو من الوحوش والأحداث المرعبة، تساعد الأطفال على الاسترخاء بعد يوم طويل من المذاكرة أو اللعب ومشاكسة الأشقاء وتوبيخ الكبار، فلها مفعول سحري مهدئ، حيث يشارك الطفل بمجرد بدء القصة في عالم جديد من الشخصيات الخيالية، فيتوارى الكثير من القلق اليومي، كما أنها تساعده على النوم وتشجعه على الأحلام الحلوة.
• إنها الخطوة الأولى لغرس عادة القراءة في نفوس الأطفال منذ وقت مبكر، وهي عادة حميدة لم نعد نراها حتى بين الكثير من البالغين لسبب بسيط هو عدم غرس هذه العادة فيهم منذ الصغر.
• هذه الحكاية الساحرة تعزز لدى الطفل سمة مميزة لا تتوافر في الكثيرين هذه الأيام وهي «الإنصات الجيد»، وهو ما يتدرب عليه الطفل أثناء تركيزه التام خلال الاستماع إلى القصة.
• قصص ما قبل النوم هي الخطوة الأولى التي تستطيعين من خلالها بناء شخصية أطفالك وغرس القيم الأخلاقية النبيلة فيهم من خلال الأحداث، فقصة واحدة تعلمهم الصدق وعدم الكذب، وأخرى تعلمهم احترام الآخرين، وثالثة تبث فيهم قيمة الادخار.
• قراءة قصة ما قبل النوم من كتاب جيد اخترته بعناية، تساعد طفلك على تحسين لغته ومفرداته، فالكلمات والعبارات التي يسمعها تبقى معه طويلا، مما يعود عليه بالنفع في المدرسة.
• الاستماع إلى قصص مثل «علاء الدين» أو«سندريللا» أو «أليس في بلاد العجائب» يزيد من قوة الخيال لدى الطفل، كما أن الحكايات التي تعتمد على الطرافة والألغاز تحسن من تفكيره التحليلي، بل تجعله يبحث عن حل المشكلة من خلال متابعة القصة إلى نهايتها، وهذا يجعله يستمع بعناية ويفكر بطريقة خلاقة.
• الكثير من قصص ما قبل النوم التي تدور حول الشخصيات والبلاد والأماكن التاريخية بمثابة كنز من المعلومات العامة يتم تزويد الطفل بها، كما أنها تعد مصدرا للإلهام له في المستقبل.
• قراءة قصة قبل النوم تزيد من التفاعل بينك وبين ابنك، عندما تقرئين لطفلك وأنت تلتصقين به جسديا ونفسيا فهذا يشعره بالحب، كما أن قراءة القصة بصفة يومية رغم مسؤولياتك المتعددة رسالة له بأنه على رأس أولويات حياتك.
كيف تختارين القصة؟
قراءة القصص واحدة من أعظم الهدايا التي يمكن أن تقدميها لطفلك. ولكي تصبح طقسا يوميا يعشقه، يجب انتقاؤها بعناية، مع الوضع في الاعتبار منح الطفل هامشا من الحرية في اختيار القصص التي يفضلها، إن كان في سن تسمح له بالاختيار والفرز بين الجيد والرديء. النصائح التالية تساعدك في اختيار القصص المناسبة:
• الكثير من مواقع الإنترنت يساعدك على انتقاء القصص المناسبة لطفلك مثل موقع النيل والفرات للقصص العربية وموقع أمازون للقصص الأجنبية. وغالبية المكتبات ودور النشر تضع مجموعاتها من قصص الأطفال على الإنترنت، والأمر يتطلب منك زيارة هذه الموقع.
• يمكنك الاشتراك باسمك أو باسم طفلك في المكتبة العامة القريبة من البيت واستعارة قصص الأطفال المناسبة منها، كما يمكن أن يقدم لك العاملون بالمكتبة العديد من الاقتراحات المفيدة في هذا الشأن.
• إن كان طفلك في مرحلة المدرسة، فشجعيه على استعارة الكتب من مكتبة المدرسة، ويمكن تزوديه ببعض عناوين القصص للبحث عنها واستعارتها.
• أسالي الأمهات الأكبر سنا من صديقاتك وزميلاتك أو في إطار العائلة عن القصص التي قرأنها على مسامع أطفالهن، واطلبي استعارتها إن كن ما زلن يحتفظن بها أو اشتريها.
• فكري في العودة إلى زمن طفولتك، وتذكري القصص المفضلة التي كنت تسمعينها من جدتك أو والدتك قبل النوم، فقد يروق بعضها لأطفالك.
• القصص المرعبة التي تحتوي على العنف والكائنات المتوحشة ليست دائما خيارا جيدا للطفل قبل النوم، خاصة إن كان في سن صغيرة، فغالبا ما تكون مخيفة وغير مفيدة للطفل.
• اختاري القصص المناسبة لعمر طفلك سواء من ناحية أسلوب الكاتب الذي يجب أن تكون لغته بسيطة وسهلة وبعيدا عن التعقيد وأسلوب الوعظ، كما يجب اختيار القصص التي تتميز بإخراج فني مبتكر وتشتمل على ألوان ورسومات تجذب الطفل ولا تنفره منها.
• القصة ليست للمتعة ولا لمساعدته على النوم بطريقة هادئة فقط، إنما يمكنك من خلالها بث الكثير من القيم الأخلاقية في ذهنه. فالطفل كالأسفنج يمتص الكثير مما يراه ويسمعه من الكبار، فاختاري بين الحين والآخر قصة تهدف إلى غرس قيم نبيلة معينة كالصدق والأمانة مثلا.
أفضل من التلفزيون والبلاي ستيشن
غالبية الأطفال يفضلون قصة ما قبل النوم على مشاهدة التلفزيون واللعب بالبلاي ستيشن، هذا ما تؤكده دراسة قام بها الطبيب النفسي الأميركي ومؤلف كتب الأطفال ريتشارد ولفسون.
دراسة ولفسون التي اعتمدت على سؤال وتصويت عدد كبير من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 3 و8 سنوات توصلت إلى أن %76 منهم يفضلون قراءة آبائهم لهم قصة ما قبل النوم على مشاهدة التلفزيون أو ممارسة ألعاب الفيديو، كما قال %80 من الأطفال الذين شملتهم الدراسة أن قراءة قصة لهم تساعدهم على النوم بطريقة جيدة.
وعندما يتعلق الأمر بدور «الحكواتي»، فإن الأمهات تفوقن على الآباء في طريقة أداء القصة بطريقة مثيرة، حيث أكد %62 من الأطفال أن أداء الأم في قراءة وحكي القصة أفضل من الأب الذي حصل على %31 والنسبة الباقية تساوى فيها الطرفان.
ويقول ولفسون: قد يكون من الصعب على الآباء والأمهات إيجاد الوقت الكافي لقراءة القصة لأطفالهم كل ليلة، لكن ما يجب أن يعرفوه أن لحظات قصة ما قبل النوم تساعد في بناء روابط قوية مع الطفل، وتلعب دورا مهما في تنميته ثقافيا وعقليا ونفسيا.
ويوصي ولفسون باستخدام المؤثرات الصوتية وتقمص الشخصيات أثناء قراءة قصة ما قبل النوم، لأن ذلك يترك أثرا جيدا لدى الأطفال، والأهم أنه يساعدهم على النوم بطريقة هادئة وهو ما يصب في مصلحة الآباء والأمهات أيضا، إن كانوا راغبين في ليلة نوم جيدة لهم أيضا بعيدا عن إزعاج الصغار.
نصائح لكي تكون ناجحة
لا يكفي شراء القصة وقراءتها على الطفل، إنما لكي تنجح القصة في تحقيق الهدف منها ينبغي توافر مجموعة من الشروط منها:
• إن كنت تقرئين لطفلك في غرفة نومه، فيجب أن تكون الغرفة هادئة وإيقاف كل الأجهزة كالراديو والتلفزيون وجهاز الكمبيوتر، وإغلاق الباب حيث لا يخرج من تركيزه أثناء سماع القصة.
• كوني صبورة خاصة في بعض الليالي التي قد لا يرغب فيها الطفل في سماع القصة. ومهما كان الأمر فقراءة ولو صفحات قليلة من القصة كل ليلة سيحول الأمر إلى روتين يومي بالنسبة له، كما يجب أن تتوقعي الكثير من الأسئلة منه في محاولة لتفسير الأمور، وهذا يتطلب صبرا وصدرا رحبا.
• تقمصي شخصيات القصة، وقلدي أصواتها المضحكة، واستخدمي المؤثرات الصوتية المختلفة والإيماءات كما لو كنت تمثلين دورا في مسرحية. فهذه الحيل تضفي متعة على الجلسة وتثير في الطفل الحماسة لمواصلة الاستماع.
• أقرئي له بصوت عال لأن ذلك بمثابة تدريب له على قوة الملاحظة والربط بين العناصر المتشابهة التي يجدها بين قصة وأخرى.
• لا تشعري بالملل عندما يطلب منك إعادة قصة سبق قراءتها أو حكايتها مرة أخرى، يمكن إدخال بعض التعديلات في الصياغة أو المؤثرات الصوتية أو طريقة الإلقاء لكي تبدو في كل مرة كما لو كانت قصة جديدة. وتذكري أن التكرار جيد أحيانا، وأن الأمر يشبه مشاهدة فيلم مرة أخرى، لأنك وجدت فيه شيئا ممتعا.