رضي الله عنه
رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه
له ، لو أقسم على الله لأبره ، منهم البراء بن مالك000 حديث شريف
البراء بن مالك أخو أنس
بن مالك ، خادم رسول
الله -صلى الله عليه وسلم ، ولقد
تنبأ له الرسول الكريم بأنه مستجاب الدعوة ، فليس عليه الا أن
يدعو وألا يعجل
وكان شعاره دوما ( الله و الجنة ) ، لذا كان يقاتل المشركين ليس من
أجل النصر
وانما من أجل الشهادة ، أتى بعض اخوانه يعودونه فقرأ وجوههم ثم
قال
لعلكم
ترهبون أن أموت على فراشي ، لا والله ، لن يحرمني ربي الشهادة )000
يوم اليمامة
كان البراء -رضي الله عنه- بطلا مقداما ، لم يتخلف يوما عن غزوة أو
مشهد ، وقد كان عمر بن الخطاب يوصي ألا يكون البراء قائدا أبدا ،
لأن اقدامه وبحثه على الشهادة يجعل قيادته لغيره من المقاتلين مخاطرة
كبيرة ، وفي يوم اليمامة تجلت بطولته تحت امرة خالد بن الوليد ، فما
أن أعطى القائد الأمر بالزحف ، حتى انطلق البراء والمسلمون يقاتلون
جيش مسيلمة الذي ما كان بالجيش الضعيف ، بل من أقوى الجيوش
وأخطرها ، وعندما سرى في صفوف المسلمين شيء من الجزع ، نادى القائد
( خالد ) البراء صاحب الصوت الجميل العالي
تكلم يا براء
)00000فصاح البراء بكلمات قوية عالية
يا أهل المدينة ، لا مدينة
لكم اليوم ، انما هو الله ، والجنة )000فكانت كلماته تنبيها للظلام
الذي سيعم لا قدر الله ، وبعد حين عادت المعركة الى نهجها الأول ،
والمسلمون يتقدمون نحو النصر ، واحتمى المشركون بداخل حديقة كبيرة ،
فبردت دماء المسلمون للقتال ، فصعد البراء فوق ربوة وصاح
يا
معشر المسلمين ، احملوني وألقوني عليهم في الحديقة )000فهو يريد أن
يدخل ويفتح الأبواب للمسلمين ولوقتله المشركون فسينال الشهادة التي
يريد ، ولم ينتظر البراء كثيرا فاعتلى الجدار وألقى بنفسه داخل
الحديقة وفتح الباب واقتحمته جيوش المسلمين ، وتلقى جسد البطل
يومئذ بضعا وثمانين ضربة ولكن لم يحصل على الشهادة بعد ، وقد حرص
القائد خالد بن الوليد على تمريضه بنفسه 000
في حروب العراق
وفي احدى الحروب في العراق لجأ الفرس الى كلاليب مثبتة في أطراف سلاسل
محماة بالنار ، يلقونها من حصونهم ، فتخطف من تناله من المسلمين
الذين لا يستطيعون منها فكاكا ، وسقط أحد هذه الكلاليب فجأة فتعلق
به أنس بن مالك ، ولم يستطع أنس أن يمس السلسلة ليخلص نفسه ، اذ
كانت تتوهج نارا ، وأبصر البراء المشهد ، فأسرع نحو أخيه الذي تصعد
به السلسلة على سطح جدار الحصن ، وقبض البراء على السلسلة بيديه
وراح يعالجها في بأس شديد حتى قطعها ، ونجا أنس -رضي الله عنه- وألقى
البراء ومن معه نظرة على كفيه فلم يجدوهما مكانهما ، لقد ذهب كل
مافيها من لحم ، وبقى هيكلها العظمي مسمرا محترقا ، وقضى البطل فترة
علاج بطيء حتى برىء000
موقعة تستر والشهادة
احتشد أهل الأهواز والفرس في جيش كثيف ليناجزوا المسلمين ، وكتب أمير
المؤمنين عمر الى سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهما- بالكوفة ليرسل الى
الأهواز جيشا ، وكتب الى أبي موسى الأشعري بالبصرة ليرسل الى الأهواز
جيشا على أن يجعل أمير الجند سهيل بن عدي وليكون معه البراء بن مالك
، والتقى الجيشان ليواجهوا جيش الأهواز والفرس ، وبدأت المعركة
بالمبارزة ، فصرع البراء وحده مائة مبارز من الفرس ، ثم التحمت
الجيوش وراح القتلى يتساقطون من الطرفين ، واقترب بعض الصحابة من
البراء ونادوه قائلين
أتذكر يا براء قول الرسول عنك :" رب أشعث
أغبر ذي طمرين لا يؤبه له ، لو أقسم على الله لأبره ، منهم البراء بن
مالك "000يا براء اقسم على ربك ، ليهزمهم وينصرنا )000ورفع
البراء ذراعيه الى السماء ضارعا داعيا
اللهم امنحنا أكتافهم ،
اللهم اهزمهم ، وانصرنا عليهم ، وألحقني اليوم بنبيك )000وألقى .
على أخيه أنس الذي كان يقاتل قريبا منه نظرة كأنه يودعه ،
واستبسل المسلمون استبسالا كبيرا ، وكتب لهم النصر000
.
ووسط شهداء المعركة ، كان هناك البراء تعلو وجهه ابتسامة كضوء
الفجر ، وتقبض يمناه على حثية من تراب مضمخة بدمه الطهور ، وسيفه
ممدا الى جواره قويا غير مثلوم ، وأنهى مع اخوانه الشهداء رحلة عمر
جليل وعظيم