رَشُّ الرذاذ في النافورة لا يكفي لتغطية مفاتن صدرها، لذلك ظل صدرها غضًّا عصِيًّا يصارع الريح.
قالت :"قلت مشيلين قُدَّ قميصُها من قُبُلٍ، وتفتقت أزراره كاللآلئ.هُزَّت جناحاه من الخفق فاهتز الفؤاد وهوى.
قالت : " قلت رأيت ذلك في عَشِيٍّ هادئ بمنتزه ريف بإحدى السواحل الحالمة، في حلم سَلبَ لُبِّي
- القصة تبدأ من منام، كالينبوع.
لم يكن الليل بعيدا، فقد لملمت الشمس أُزُرها فانكسر ما تبقى ليحجب عني رذاذ المياه. أقواس من سبعة أطياف تتناهى إلى بصري ، وإلى عمقي يتسابق – رويدا رويدا – هول المساء.
- خُذ فنجانك بقوة !.
- ويحك تأخذها "منكسرة"1؟ تعني قهوتي.
- أريدها خالصة بلا شوائب.
تمدني قهوتي وتحُفُّني بأهيف ثوبها المتناسل،الطير تصدح، ترفرف، ثم تميس، تنتقل إلى أغصانها. والرذاذ يصل إلى بشرتي هكذا ناعما ومنعشا.
-"كل شيء يأتي من منام" فاجأني صوتها.
-مشيلين، أنتِ هنا؟
وارتمت إلى الأمام مصفقة بضحكة ساخرة. تعنيني أنا؟
هكذا كنتُ لا أعنيها.
ترتفع ستائر الليل كالخمائل، تُخفي عني أشباح الشجر،الممر البحري يهاجمني برذاذ عليل،الأنوار ترتخي في مقابل هجوم خيام الليل المظلمة.
يدخلني الرعب.
-ميشلين، لا أراك..ميشيلين، اقتربي إلى هنا..
كانت على الساحل تلامس حواف المياه، يمتد البحر نافرا في عتو فتهتز أشرعتي بداخلي رعبا. كأني طيار بلا جناح.
-أنت خائف؟
من أين لها أن تعلم بسريرتي؟ بتواطؤ تسألني أم بعلم في صدرها؟ يُحتمل بالقطع أنها عرافة.
كان على الساحل ساقُها المكشوف يوازن نزول القمر، على الرمل تتواطأ في المشي كالمهر الجامح، وتسحب شعرها المتطاير برفق،ثم تتنازل للبحر هاربة إلي، وأنا أقْلِبُ الفنجان سهوا على ملابسي.صرخت أنتزع قميصي وألوح به لها من بعيد: مشيلين، ميشيلين،أنا هنا، وهذا قميصي لكِ ستارة.
فألقيتُه. فالتقفتْه قالت:
-ما جزاء من أراد بي هذا؟
قلت القميص أم الأزرار؟
فاسْتَبَقَتْ تنظرُ أزرارها كالياقوت مبعثرة،والفنجان المقلوب على ملابسي ترك بقعة البن على امتداد.
قالت: ويحك ما هذا؟
قلت جزاء من أراد بكِ هذا.
-فانفجرت صائحا: أخاف عليكِ من البحر والليل والأدغال..
************
وما شرعتْ تقوِّمُ بعضا من إنجليزيتي المستهجنة حتى أخذني رُعبي من جديد، فصرختُ : دثريه، دثريه وليبق الرذاذ على النافورة...
.... حتى وجدتني على فراش الصباح أصحو, شمسُ نيسانَ تداعبُ جبيني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ