السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخذت أتفكر في موضوع يفيد إخوتي وأخواتي هذه الأيام وهذه الليالي الغالية فلم أجد أفضل من تذكير نفسي وإياهم بأفضل ليلة..
نعم إنها ليلة القدر..
ولا شك أن كل منا يتمنى أن يوفقه الله لقيامها..
فتعالوا معي لنتعرف على هذه الليلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ونذكر بعض القصص عن هذه الليلة المباركة..
ولكن دعوني استفتح هذا الموضوع بهذه القصة التي سمعتها من أهلها..
وهذه القصة ذكرتها العام الماضي في مثل هذه الأيام لكم ولغيركم في منتديات اخرى ولا بأس من إعادتها لما فيها من العبر..
قبل اعوام كنت في زيارة أقارب لي وكعادتهم اجتمعوا بأسألتهم علي
وخاصة في مايتعلق بالرؤى وتأويلها واستوقفتني هذه الرؤيا وإن كانت في ما يظهر لي أنها حقيقة وليست برؤيا فقط كما كانوا يعتقدون..بل هي تنبيه من المولى عز وجل لسر سيظهر لنا الآن من خلال القصة,,
هذه الأخت :
(( وهي أم لأحدى عشر طفل وحالتهم المادية أدنى من المتوسط وأيضا لايوجد من يساعدها في رعاية الأولاد والقيام بشؤون البيت.))
وكانت حريصة لأن تقوم رمضان كله ولكن التعب أجهدها تلك الليلة فنامت عن صلاة الليل.
تقول ولم أشعر إلا بمن يخاطبني في اذني ويقول قومي يافلانة ,,إنها ليلة القدر ..!!
تقول ففتحت عيناي فإذا أنا بنور يضيء غرفة نومي لم أرى مثله قط..وسكينة شعرت بها لم أشعر بمثلها قط!
وحاولت أن أقوم ولم أستطع لشدة تعبي..أريد أن أقيم الليل ,,أريد أن أنهض لأتوضأ ولكن هيهات ,,التعب أخذ مني كل مأخذ,,
تقول :
فتذكرت حديث عائشة رضي الله عنها فقلت ذلك الدعاء الذي علما اياه رسول الهدى صلى الله عليه وسلم
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله أرأيت أن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : قولي : ( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) رواه الإمام أحمد ، والترمذي (3513) ، وابن ماجة (3850) وسنده صحيح
فقلت: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني..
ثم نظرت الى زوجي فقلت لعلي اوقظه ليدعو معي ويستفيد من هذه الليلة ولكن !!
مددت يدي المتعبة اليه وبيني وبينه اقل من شبر لكنني لم استطع أن أوقظه ولم أشعر إلا وأذان الفجر يوقظني من نومتي ..
فتحسرت على أني لم أقم تلك الليلة ولم أوقظ زوجي ..
فتسألني هل كانت تلك الليلة ليلة القدر ليلة القدر..؟؟
فكانت إجابتي ..
نعم والله أعلم
وسبب أن الله يسر لها من يوقظها حرصها على أن تقوم كل الشهر..
ولكن الذي حال بينها وبين قيامها تلك الليلة رعايتها لبيتها واطفالها وزوجها ولا شك أن قيامها بتلك الأمور عبادة لربها ..وأهم من قيامها ..
وانظروا وتأملوا معي حال الزوج بينه وبينها أقل من شبر ولكنه لم يستيقظ وعندما سألت عنه وجدت أنه غير حريص على القيام!!!!
فكانت النتيجة من الله عادلة في حقه وحقها ولا شك..
ذكر بن كثير في تفسيره
يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ أَنْزَلَ الْقُرْآن لَيْلَة الْقَدْر وَهِيَ اللَّيْلَة الْمُبَارَكَة الَّتِي قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مُبَارَكَة "
وَهِيَ لَيْلَة الْقَدر وَهِيَ مِنْ شَهْر رَمَضَان كَمَا قَالَ تَعَالَى " شَهْر رَمَضَان الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآن "
قَالَ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره أَنْزَلَ اللَّه الْقُرْآن جُمْلَة وَاحِدَة مِنْ اللَّوْح الْمَحْفُوظ إِلَى بَيْت الْعِزَّة مِنْ السَّمَاء الدُّنْيَا ثُمَّ نَزَلَ مُفَصَّلًا بِحَسَبِ الْوَقَائِع فِي ثَلَاث وَعِشْرِينَ سَنَة عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُعَظِّمًا لِشَأْنِ لَيْلَة الْقَدْر الَّتِي اِخْتَصَّهَا بِإِنْزَالِ الْقُرْآن الْعَظِيم فِيهَا .
وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ بَلَغَنِي عَنْ مُجَاهِد لَيْلَة الْقَدْر خَيْر مِنْ أَلْف شَهْر قَالَ عَمَلهَا وَصِيَامهَا وَقِيَامهَا خَيْر مِنْ أَلْف شَهْر رَوَاهُ اِبْن جَرِير
نسأل الله من فضله..
وأما قوله تبارك وتعالى في سورة الدخان
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ
معناه ..
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقَدْر وَكَانَ ذَلِكَ فِي شَهْر رَمَضَان كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " شَهْر رَمَضَان الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآن "
وذكر بن حجر العسقلاني في كتابه العظيم فتح الباري عن معنى القدر فقال
..وقيل القدر هنا بمعنى القدر بفتح الدال الذي هو مؤاخي القضاء , والمعنى أنه يقدر فيها أحكام تلك السنة لقوله تعالى ( فيها يفرق كل أمر حكيم )
وبه صدر النووي كلامه فقال : قال العلماء سميت ليلة القدر لما تكتب فيها الملائكة من الأقدار لقوله تعالى ( فيها يفرق كل أمر حكيم )
وأما الأحاديث
عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : لَمَّا حَضَرَ رَمَضَان
قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "" قَدْ جَاءَكُمْ شَهْرُ رَمَضَان شَهْرٌ مُبَارَكٌ اِفْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَح فِيهِ أَبْوَاب الْجَنَّة وَتُغْلَق فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيم وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِين فِيهِ لَيْلَة خَيْرٌ مِنْ أَلْف شَهْر مَنْ حَرُمَ خَيْرهَا فَقَدْ حُرِمَ " وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث أَيُّوب بِهِ
وَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَة الْقَدْر تَعْدِل عِبَادَتهَا عِبَادَة أَلْف شَهْر ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "
مَنْ قَامَ لَيْلَة الْقَدْر إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ
فمن منا الذي لايريد أن يغفر الله له ماتقدم من ذنبه!!
لا شك أن الجميع يريد ذلك ..
ولا شك أن الجميع أيضا يطمعون في أن يوفقون للعمل الصالح في تلك الليلة ليضاعف لهم العمل في تلك الليلة...
فمتى يكون وقتها وهل هناك مايدل على أنها في العشر الأواخر من رمضان ؟؟
نعم إخوتي وأخواتي هناك من السنة مايدل على ذلك فتعالوا معي نقرأ ماذكره أهل العلم نقلا عن رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه...
روى البخاري.عن عائشة قالت
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول تحروا ليلة ((( القدر ))) في العشر الأواخر من رمضان
جاء في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة ((( القدر ))) في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى
وروى البخاري في صحيحه أيضا
عن ابن عمر رضي الله عنه
أن أناسا أروا ليلة ((( القدر ))) في السبع الأواخر وأن أناسا أروا أنها في العشر الأواخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم التمسوها في السبع الأواخر
وخلاصة القول كما ذكره بن حجر في شرحه
قوله : ( باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر )
في هذه الترجمة إشارة إلى رجحان كون ليلة القدر منحصرة في رمضان ثم في العشر الأخير منه ثم في أوتاره لا في ليلة منه بعينها ,
وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها .
وقد ورد لليلة القدر علامات أكثرها لا تظهر إلا بعد أن تمضي ,
منها في صحيح مسلم عن أبي بن كعب "أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها
وفي رواية لأحمد من حديثه " مثل الطست الطست "
ونحوه لأحمد من طريق أبي عون عن ابن مسعود وزاد "..صافية "
ومن حديث ابن عباس نحوه , ولابن خزيمة من حديثه مرفوعا " ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة , تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة "
ولأحمد من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا "إنها صافية بلجة كأن فيها قمرا ساطعا , ساكنة صاحية لا حر فيها ولا برد , ولا يحل لكوكب يرمى به فيها , ومن أماراتها أن الشمس في صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ
وقد كان من حرص أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا السؤالعن عبد الله بن بريدة عن عائشة قالتقلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها قال قولي اللهم إنك ((( عفو ))) كريم تحب العفو فاعف عني
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
فاحرصوا إخوتي وأخواتي للقيام في مابقي من رمضان لعل الله أن يوفقنا لقيام تلك الليلة المباركة..
أسأل الله العظيم بأسمائه وصفاته أن يوفقنا جميعا لقيام تلك الليلة ..
آمين
وصلى الله عليه وسلم