كثيرا ما تمنينا لو خرجنا من واقعنا الأليم الذي فُرض
علينا لنحيا في رحابة الخيال الذي رسمناه بأنفسنا.. ونسأل أنفسنا دوما
طوال مشوار حياتنا: هل يمكن لنا أن نختار السعادة لأنفسنا؟ هل نستطيع أن
نمضي في الحياة ونحن مستمتعون بكل لحظة فيها؟ هل نملك قوة تمكّننا من محو
تجربة فاشلة خلفت وراءها مرارة؟
لكي نبدأ انطلاقنا إلى كوكب السعادة نحتاج إلى اكتشاف ما يعيقنا عن
الوصول إليه.. وأن نبحث عن النقاط السوداء بداخلنا والتي قد تصبغ الحياة
بألوان كئيبة قد لا تكون حقيقية.
ومن هنا قدّم لنا د.واين دبليو داير كتابه الرائع "مَواطن الضعف لديك"؛
لنكتشف مَواطن الضعف بداخل كل واحد منا ونهرب من التفكير السلبي من خلال
طرق وتجارب عملية؛ لنسيطر على حياتنا ونحقق أحلامنا.
اختر لنفسك ما تشعر به
تحدث د. واين في فصل كامل عنوانه "كن مسئولا عن نفسك" أن الإنسان يختار
لنفسه ما يشعر به، فإذا كنت مسئولا ومسيطرا على انفعالاتك فليس هناك ما
يضطرك لاختيار ردود الأفعال التي يكون لها مردود سلبي عليك.
انظر إلى تلك المقولة: "ليس بوسعي أن أكف عن هذا الشعور".
هذا معناه أنك غير مسئول عن مشاعرك.
ما رأيك لو ... أعدت برمجتها في ذهنك بجمل تعكس حقيقة أنك مسئول عن مشاعرك: "يمكنني أن أتحكم فيما أشعر به، ولكني أنا الذي اخترت لنفسي أن أكون قلقا مضطربا".
حب نفسك أولا
لست في حاجة لأن يعزز الآخرون من قيمتك أو يدعموا قيمتك، بأن تفرض
عليهم سلوكا معينا، فأنت تتمتع بالتميز، والآخرون كذلك، وأنت تحبهم لذلك
أيضا.
تحرر من "أنا كذا"
(أنا كثير النسيان - أنا مهمل - أنا خجول - أنا كبير السن - أنا عصبي - أنا لا أجيد تلك المهارة - أنا ضعيف في الرياضيات…)
بعد استخدام تلك العبارات بدرجة كافية سوف تبدأ أنت نفسك في تصديقها والاقتناع بها.
كيف أتحرر؟مثلا يمكنك تغيير عبارات مثل "هذه طبيعتي" إلى "هذا ما اعتدت أن أراه على أنه طبيعة فيّ".
لماذا لا تعاملني مثلما أعاملك؟
من أجمل المفاهيم التي تطرق إليها د. واين في كتابه كان مفهوم العدالة،
وضحه لنا من خلال نموذج جودي التي كانت تقول دوما في خلافاتها مع زوجها:
"لماذا قلت لي ذلك؟! إنني لا أقول لك أبدا شيئا كهذا".
وكأن جودي تقوم بتسجيل كل تفاصيل حياتها في سجل نقاط واحدة لك وواحدة
لي، لا بد من العدل في كل شيء، وبالتالي فقد كانت تقوم بتقييم سلوك زوجها
على أساس أنه سلوكها الشخصي.
والحل...؟انظر إلى حياتك العاطفية على اعتبار أنها مستقلة تماما عما يقوم به أي
إنسان آخر، وستتحرر من قيود الإحساس بالظلم وجرح المشاعر حينما يتصرف
الآخرون معك بطريقة تختلف عن الطريقة التي ترغب بها.. تقبّل الواقع ولا
تضع نفسك في مقارنة مع الآخرين.
الاستقلالية سر نجاح العلاقة الزوجية!
ويؤكد د. واين على مفهوم الاستقلالية وأهميته في الزواج، موضحا أن
انتعاش الزواج ونموه يكون بإتاحة الحرية للطرف الآخر، لا أن يندمجا أو
يحاول أحدهما أن يسيطر على الآخر بأي وسيلة؛ لأن بداخلنا حاجة من أعظم
الحاجات الإنسانية ألا وهي الاستقلالية، وأن الزواج الناجح هو دليل تحقق
أدنى قدر من التوحد، وأعلى قدر من الاستقلالية، والاعتماد على النفس.
هناك من استأصل كل مَواطن الضعف!!
ربما يبدو كشخصية خيالية لكن كل شيء ممكن في الواقع، والسمة الأكثر
وضوحا في الأشخاص الذين يُخلُون من مواطن الضعف أنك ستراهم يحبون بالفعل
كل شيء في حياتهم، ويقومون بأي شيء ببساطة وراحة، دون أن يبددوا أوقاتهم
في الشكوى، أو تمني أشياء على غير ما هي عليه.
أهم ما في الموضوع أن هؤلاء الأفراد يحبون أنفسهم، وتحفزهم الرغبة في
النمو، ودائما ما يتعاملون مع أنفسهم بصورة طيبة حينما تتاح لهم الفرصة.
ومقياس الصحة العقلية عند هؤلاء لا يقوم على أساس أتعثروا أم لا، وإنما
على أساس ما يقومون به إن تعثروا.
ويختتم د. واين أن بإمكان كل واحد فينا أن يكون من بين هؤلاء، ولن تكون من بين من يراقبون. فقط القرار بأيدينا إن أردنا ذلك.
حقا إنها فرصة رائعة لكي نتخلص من كل المشاعر السلبية (شعور بالذنب -
إحباط - غضب - ضغط العلاقة بين الزوجين - البحث عن استحسان الآخرين....
وغيرها الكثير)؛ لأن الكتاب يكشف لنا عن مواطن الضعف من داخلنا -والتي قد
لا تكون حقيقية إلا في داخلنا فقط- أمام أعيننا لنتخلص منها ونرميها
وراءنا، وننطلق في طريق السعادة بإذن الله.
ولكي نتذكر دوما أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. فلكي نغير واقعنا الخارجي علينا أولا أن نغيّر قناعاتنا الداخلية.