ما زال نفوذ قناة {الجزيرة} وتأثيرها يخطفان الأنفاس. ما من شك في أنها قناة الأخبار والشؤون السياسية الأكثر إثارة في العالم العربي.
تدّعي {الجزيرة} بأن قناتها الأساسية باللغة العربية تدخل نصف المنازل العربية تقريباً، ويُقال إن قناتها الناطقة بالإنكليزية تصل إلى 200 مليون منزل في أفريقيا، آسيا وأميركا اللاتينية، فضلاً عن أن أوروبيين كثراً يشاهدونها.
مكاتب في أنحاء العالم
مع ذلك، قد تزداد سطوة {الجزيرة} هذا العام بفضل سخاء أمير قطر الذي يتردّد أنه وضع ما لا يقل عن 400 مليون دولار في خزينتها. تملك كل من القناة الناطقة باللغة الإنكليزية وتلك الناطقة بالعربية 60 مكتباً على الأقل، 12 منها في أفريقيا وحدها، وهو عدد لا تحلم به منافساتها من القنوات الإخبارية الغربية التي تشهد تقهقراً. كذلك يُتوقّع افتتاح 10 مكاتب إضافية، خارج مراكز {الجزيرة} في الدوحة، لندن، واشنطن، وكوالا لامبور، مع نهاية العام المقبل. فضلاً عن ذلك، حجبت تغطيتها للأحداث، مثل انتخابات السودان الأخيرة حيث أُرسل سبعة مراسلين ومجموعة من التقنيين، وسائل الإعلام الغربية.
يُشار إلى أن القناتين العربية والانكليزية، تختلف إحداهما عن الأخرى من الناحية التحريرية. يعكس اختيار القناة الناطقة بالإنكليزية للمواضيع اهتمامات مشاهديها في دول العالم الثالث، إذ تركّز أكثر من مثيلاتها الغربية على الفقر العالمي والغضب إزاء الولايات المتحدة والغرب، لكنها تقدّم مجموعة واسعة من الآراء وتغطي السياسة الغربية على حدّ سواء. لكل من القناتين مكاتب في القدس، غزة ورام الله حيث مقر السلطة الفلسطينية، ما يسمح للإسرائيليين بالتعبير عن آرائهم بانتظام.
انحياز وتعاطف
في المقابل، تبدو القناة الناطقة بالعربية أكثر إثارةً للجدل، إذ تتهمها الحكومات العربية المؤيدة للغرب مراراً وتكراراً بالانحياز، لا سيما حكومتي مصر والسعودية التي ترفض السماح لـ {الجزيرة} بفتح مكتب لها على أراضيها.
تقول هذه الحكومات إن {الجزيرة} تدعم حركة {الإخوان المسلمين}، أبرز حركات المعارضة في مصر، الحركة الإسلامية {حماس} التي تسيطر على غزة وترفض الاعتراف بإسرائيل. كذلك يُقال إن رئيس المحطّة الناطقة بالعربية وضّاح خنفر، ومحرر قسم الأخبار فيها أحمد شيخ، فلسطينيان من الضفة الغربية لديهما علاقات وطيدة مع {حماس}. ويُعتبر كثر في الفريق المصري في المحطة متعاطفين مع حركة {الإخوان المسلمين} التي تتفرّع منها {حماس}.
ينفي المسؤولون عن {الجزيرة} الانحياز، لكنهم يوضحون أن قضية فلسطين والحصار على غزة يحتلان بلا شك الأولوية لدى العرب، لذلك، لا بد من استخدام مفردات النضال العاطفية أحياناً، على حد قولهم، بالتالي يعتبرون كلمة {شهيد} مصطلحاً عادلاً للإشارة إلى الانتحاري، ويؤكدون ضرورة توضيح ظاهرة الإسلام السياسي بطريقة لطيفة.
فلسطين والعراق
على صعيد آخر، انعكست شعبوية {الجزيرة} المعادية للغرب بقوة في منتداها الأخير حول {العالم العربي والمسلم: رؤى بديلة}. فقد استهل خطباء كثر، متدينون أو موالون للإسلام السياسي، حديثهم بالصلاة.
في ما يتعلّق بفلسطين، لم يتحدّث أي محاضر، من أصل المشاركين المئتين المدعوين، عن حلّ بإقامة دولتين باستثناء محاضرين أميركيين يعتمدون سياسة الحمائم، بينما طغى بكل بسهولة تفضيل {حماس} الرسمي المؤيد لدولة واحدة لإلغاء الدولة اليهودية، ذلك بعدما تحدّث أحد المسؤولين البارزين فيها بفصاحة. ولو أن ممثلاً من السلطة الفلسطينية، التي تخوض اليوم {محادثات جوار} مع إسرائيل، كان موجوداً، لما لقي كلامه آذاناً صاغية.
في ما يتعلّق بالعراق، لم يعبّر أي محاضر عن تعاطفه مع النظام الجديد ذي القيادة الشيعية والذي رفضته أصوات عدّة باعتباره غير شرعي البتة، باستثناء التعليق الذي أدلى به نائب يائس، عبر شريط مصوّر، ينتمي إلى حزب رئيس الوزراء العراقي.
من جهته استقطب الغزّاوي عبد الباري عطوان، رئيس تحرير صحيفة القدس العربي الشعبوية في لندن والتي يتردد صداها في العالم العربي، أعلى نسبة تصفيق حين اتّصل لدعم {المقاومة} العراقية المستمرة، على رغم أن القتال الدائر اليوم هو بين العرب بشكل أساسي. لا عجب أن {الجزيرة} تزعج القادة العرب المؤيدين للغرب الذين يُنظر إليهم كدمى، باستثناء قطر بالطبع.
مع تحيات محدثكم صــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهيبمنتدى السوافةالوادي