ليس الغريب غريب الدار والوطن
إن الغريب غريب اللحد والكفن
إن الغريب له حق لغربته
على المقيمين في الأوطان والسكن
سفري بعيد وزادي لن يبلغني
وقوتي ضعفي والموت يطلبني
ولي بقايا ذنوب لست أعلمها
الله يعلمها في السر والعلن
ما أحلم الله عني حيث أمهلني
وقد تماديت في ذنبي ويسترني
كأنني بين جل الأهل منطرحاً
على الفراش وأيديهم تقلبني
وقد تجمع حولي من ينوح ومن
يبكي علي وينعاني ويندبني
وقد أتوا بطبيب كي يعالجني
ولم أرى الطب هذا اليوم ينفعني
واشتد نزعي وصار الموت يجذبها
من كل عرق بلا رفق ولا هون ِ
واستخرج الروح مني في تقرقرها
وصار ريقي حريراً حين قرقرني
وغمضوني وراح الكل وانصرفوا
بعد الإياس وجدوا في شرى الكفن
وأخرجوني من الدنيا فوا أسفا
على رحيلي بلا زاد يبلغني
وحملوني على الأكتاف أربعة
من الرجال وخلفي من يشيعني
صلوا علي صلاة لا ركوع لها
ولا سجود لعل الله يرحمني
وأنزلوني إلى قبري على مهل
وقدموا واحداً منهم يلحدني
وقال هلوا عليه التراب واغتنموا
حسن الثواب من الرحمن بالمننِ
في ظلمة القبر لا أم هناك ولا
أب شفيق ولا أخ يؤنسني
فلا تغرنك الدنيا وزينتها
وانظر إلى فعلها في الأهل والوطنِ
وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها
هل راح منها بغير الحنط والكفنِ
يازارع الخير تحصد بعده ثمراً
يازارع الشر موقوف على الوهنِ