عندما تلامس أسماعنا كلمة ( ألم ) . . ماذا يدور في خاطرك ؟ . . هل هو ألم الجراح أم المعاناة و المشاكل والقهر والضيق أم الصبر والفراق . . وإلى ما لا نهاية من الآلام الغير محدودة !.
إن الألم في أحيانه نعمة . . والحياة من غيره قد تكون نقمة . . فكيف بصاحب الهمة الذي تجرع المعاناة والألم لوصوله إلى مراده . . وبلوغ أحلامه . . ليشعر بسعادة الانتصار.
إذا أراد الإنسان صعود الجبل . . فلن ينحني الجبل إليك لتصعد عليه . . بل من العقل السليم والفكر القويم أن تتألم في بلوغ قمته.
إن الألم ليس مذموما دائما ولا مكروه أبدا . . فقد يكون خيرا للعبد أن يتألم . . إذ أن الدعاء الصادق يأتي مع الألم . . والتسبيح الخاشع يصاحب الألم . . وإنّ تألم طالب العلم زمن التحصيل . . وحمله أعباء الطلب يثمر عالما . . لأنه احترق في البداية فأشرق في النهاية . . وإنّ تألم الشاعر ومعاناته لما يقول تنتج أدبا مؤثرا خلابا . . لأنه انقدح مع الألم من الدم والقلب . . فهز المشاعر وحرك الأفئدة .
إن الذي عاش حياة الترف والراحة ولم يجرب الأزمات . . ولم تكويه الملمات . . يبقى كسولا مترهلا فاترا.
وأسمى الأمثلة وأرفعها في الصبر على الألم: حياة الأنباء والرسل . . فكان لصبرهم الطويل نصرا من الله وفتحا مبينا . . وصبر المؤمنين الأولين الذين عاشوا فجر الرسالة ومولد الملة . . وبداية الرسالة . . فإنهم أعظم إيمانا . . وأبر قلوبا . . وأصدق لهجة . . وأعمق علما . . لأنهم عاشوا الألم والمعاناة : ألم الجوع والفقر والتشرد . . والأذى والطرد والإبعاد . . وفراق المألوفات . . وهجر المرغوبات . . وألم الجراح . . والقتل والتعذيب . . فكانوا هم الصفوة الصافية . . والصحبة الصادقة . . والثقة المجتباة . . آيات في الطهر . . وأعلاما في النبل . . ورموزا في التضحية .
فلا تجزع من الألم ولا تخف من المعاناة . . فربما كانت قوة لك ومتاعا إلى حين . . فهي أرق وأصفى من أن تعيش بارد المشاعر فاتر الهمة خامد النفس.
لا تعذل المشتاق في أشواقه ..:.. حتى يكون حشاك في أحشائه
فإذا أردت أن تؤثر في غيرك . . وتغير من حولك . . فاحترق به أنت سلفا . . وتأثر به وذقه وتفاعل معه . . وسوف ترى أنك تؤثر في الناس.
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ..:.. ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه...