إلى متى اللّهوُ والأحبابُ قد رحلوا | يا من بفانية اللّذّات يشتغل |
كم جرّعَتْك كؤوسُ البَيْنِ من غُصَصٍ | فالعين باكية والقلب مشتعِل |
وكم نحبتَ على صبٍّ علِقْتَ به | وأصدقاَء سُوَيدا القلب قد نزلوا |
قد سافروا سَفَراً جَدَّ المَسِيرُ بهم | فيه فليس إلى رُجْعَاهُمُ أمل |
وبدّلونا بسكنى حفرةٍ قبُحت | وخلّفونا وَدَمْعُ العين منهطل |
وعاد حُسْنُهُمُ قُبْحاً وأُنْسُهُمُ | وَحْشاً وحزنُهم نَامٍ ومُتَّصِلُ |
فالنّطق منطبِق والجفنُ منغلِق | واللّونُ منمحقُ والوصل منفصل |
والأذن في صَمَمٍ والسّاقُ في سكن | واليدُّ في سدل فالكلّ منخذل |
يا من تُرَى ما لذاك الحسن منخسفاً | وما دهاه وحارت عنده الحِيَلُ |
دهاه أمرٌ عظيم لا مَرَدَّ له | قضى به اللّهُ والإنسان يحتمل |
يحقّ للعين أن تبكي لفُرقتها | أَحِبَّةً ليس في دَهْرِي لهم بَدَل |
خلَّوْا فؤادي كئيبا بالفراق وقد | توطّنوا حفرةً سوداَء تُبتذل |
فَكّرْ فإِنّ نعيمَ الأمر منتقلُ | واعْمَلْ لمُلْكٍ عظيمٍ ليس ينتقل |
فما يَسُرُّ امْرَءًا أهلٌ ولا وَلدٌ | وليس ينفعُ إلاّ العلمُ والعملُ |
الأهل تلقى بديلاً بَعدَ مِيتِتها | والمالُ للغير قهراً عنك ينتقل |
والبنت تمشي لِبَعْلٍ عنك ذاهبةً | والابنُ يبقى زمانا ثم يشتغل |
باللّه يا راحلاً نحو الأحبّة سَلْ | عنهمْ وسَلِّمْ عليهم بعد إِذ تَصِلُ |
وقل لهم إنّنا عنك أُسَارى أَسىً | وعن قريب إليكم نحن نرتحِلُ |