شباب يواكبون موضة الزواج ويرتبطون بنساء أكبر منهم سنا

يرى بعض المختصين في العلاقات الزوجية أن فارق العمر هو الهاجس الذي ظل لسنوات طويلة يقف كحاجز منيع في استمرار جل العلاقات العاطفية في الجزائر، فمجتمعنا كان يرفض بشدة ارتباط المرأة برجل أصغر منها سنا وكذلك ولي أمرها والمحيطون بها، غير أن الأمور مؤخرا ومع خروج المرأة للعمل وارتفاع نسبة العنوسة اختلفت تماما لتصبح موضة الزواج برجل أصغر من العروس بسنوات دارجة بشدة حتى أن الفارق العمري أضحى أخر اهتمامات العريس فقط لأن زوجته المصون بإمكانها تأمين احتياجاته وتلبية طلباته.

تسود مجتمعنا العربي على الغالب والجزائري على وجه الخصوص نظرة رفض لارتباط المرأة برجل أصغر منها سننا، فهم يعتبرونه زواجا غير متكافئ وأساسه هو المصلحة لأنه يقوي مكانة المرأة ويمنحها صلاحيات واسعة داخل الأسرة، فالمرأة الأكبر من الرجل بإمكانها التحكم فيه وتحريكه وفقا لرغباتها وأهوائها لذلك يركض الشباب دوما وراء الفتيات الصغيرات ليسترجعوا معهن أيام شبابهم وينجبون أكبر قدر من الأولاد، كما أن المرأة تظهر عليها ملامح الكبر بسرعة قبل الرجل.

إلا أن هذه الأفكار والنظرات السوداوية بدأت تتلاشى مؤخرا، لتفسح المجال أمام موضة شبابية لفتيان يفضلون الارتباط بسيدات أصغر منهن بسنوات بفارق يتراوح مابين 3 إلى 8 سنوات في مغامرة قد يكتب لها النجاح أو قد تنتهي بهم في أروقة المحاكم والطلاق. تصرح "فوزية": "أنا ارتبطت برجل أصغر مني بـ 5 سنوات التقيت به في الجامعة كنا ندرس اقتصاد، وبقيت علاقتنا حتى بعد انتهائنا من الدراسة وانتقالنا للحياة المهنية، عائلتي لم تبد أي اعتراض على زواجنا لكن شقيقاته رفضن الأمر في البداية لأنه أصغر أفراد العائلة ثم رضخن للأمر الواقع، نحن الآن نعيش في جو من السعادة والفرح وعلى وفاق تام ولم يكن فائق العمر يوما ليقف عائقا في طريقنا وقد من الله علينا بمولودين "قصي" و"علياء".

وإن كانت "فوزية" قد استطاعت التعايش مع واقعها والتأقلم مع عائلة لم ترحب بها إلا أن هذا الرفض لا يزال قائما متمثلا في مقاطعة عائلة زوجها لهم. أما "إبراهيم" فأوضح بأن فارق السن لن يمنعه يوما من الزواج من الفتاة التي يختارها قلبه حتى وإن كان عمرها ضعف سنه، مفيدا بأن الأغلبية يعتقدون أن هذا النوع من الزيجات يقوم على أساس المصالح لكنهم يجهلون أن الحب لا يعرف عمرا ولا يقف في وجهه أي حاجز، وخير دليل على ذلك زواج أحد أقاربه من فتاة تكبره بثلاث سنوات وهي زميلته في العمل وهما يعيشان حالة من الوفاق والانسجام التام حتى أنه أصبح يساعدها في الأعمال المنزلية، مستطردا أنه يرى المرأة الأكبر من الزوج مستقرة عاطفيا وبإمكانها إدارة حياتها بشكل أفضل من الفتيات الصغيرات، كما أنه بوسعها مشاطرة زوجها تطلعاته وانشغالاته ومشاركته فيها على عكس الصغيرات فهن لا يجدن التصرف في أمور المنزل.

وعلى غرار محدثينا السابقين أبدى "فاتح" اعتراضه على فكرة الزواج من سيدة تكبره سنا حتى وإن كانت تمتلك كنوز الدنيا، لأن هذه الزيجات تكون في الغالب طمعا في راتب الزوجة أو الإمكانيات المادية التي تتمتع بها، أما أن يتزوج بها فقط من أجل الحب فهذا ما لا يمكن تصديقه من شاب في عصر سيطرت عليه الماديات والمظاهر.

وكان المختصون في العلاقات الزوجية قد أكدوا على أن فارق السن هو أحد أهم العوامل لنجاح العلاقة الزوجية، لذا يجب أن يكون هناك اتفاق تام وكامل بين الزوجين واقتناع مع المحافظة على أساسيات ومبادئ الزواج كالاحترام المتبادل والحب، فحتى وإن كانت الزوجة أكبر من الزوج فالأمر مسألة تعود ومجرد أفكار مترسخة في مجتمعاتنا العربية لإيمانهم بوجود خلفيات مصالح أو أهداف من وراء ذلك، فلا يوجد أي مانع شرعي للزواج بالمرأة الأكبر سنا، وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد تزوج من أمنا خديجة وهي أكبر منه بـ 15 عاما وكان زواجا ناجحا، وأنجبت منه أبناءه جميعا باستثناء "إبراهيم" فهو من ماريا القبطية كما أنها كانت أحب زوجاته إليه.