يعد إحضار العروس الجديدة أو "الكنة" في بعض العائلات أشبه بجلب قنبلة موقوتة قادرة على الانفجار في أي لحظة، فبمجرد أن تطأ أقدامها المنزل العائلي حتى تنطلق سلسلة من المشاكل والخلافات العائلية والتي تكون السبب فيها غالبا شقيقات الزوج اللواتي فاتهن قطار الزواج، فيتفنن في اضطهاد أشقائهن ومن ثم زوجاتهم معلنات حربا ضروسا لن تحط أوزارها إلا بزواجهن.

تدفع الغيرة والرغبة في البقاء مسيطرة على المنزل الكثير من العوانس اللواتي لم يحالفهن الحظ في تكوين عائلة إلى افتعال العديد من المشاكل مع أفراد البيت كوالدتهن، شقيقاتهن المتزوجات أو كنائنهن غير أن هؤلاء الأخيرات لهن الحظ الوارف كونهن وافدات حديثا على العائلة ويجهلن خباياها وطرق المعيشة بين أفرادها، فيصطدمن بوجود عانس مسيطرة يأتمر الكل بأوامرها ويتفادون غضبها.

كثيرة هي الأمثلة عن عائلات كابدت الويلات وأخرى كادت أن تتشتت بفعل وجود العمة المسيطرة فيها، أغربها قضية عالجتها قبل سنوات إحدى محاكم العاصمة اتهمت فيها فتاة في الأربعينات من العمر، بجنحة الضرب والجرح العمدي راحت ضحيته زوجة شقيقها، وعن أسباب الخلاف ورد في جلسة المحاكمة أن المتهمة تسيطر على المنزل وتسيره كثكنة عسكرية وهي توزع المهام يوميا على من يقيم فيه، وفي يوم الحادثة طلبت من الضحية أن تعيد مسح الأرضية فرفضت بحجة أنها انتهت للتو من تنظيفها ولما رفضت أمسكت الدلو المملوء بالمياه القذرة وقذفتها به، ولم تكتف بهذا بل تناولت المكنسة وأبرحتها ضربا مسببة لها عجزا قدره 7 أيام.

وليست هذه الحالة الوحيدة فهناك العديد من الحكايات المماثلة لكن أصحابها لم يتمكنوا من التوجه للقضاء والإدعاء عليهن بغية الحفاظ على الأواصر العائلية، حيث يسرد لنا "ح": كنت أقيم في منزلنا العائلي بباب الوادي وكانت شقيقتي الكبرى البالغة من العمر 50 سنة، والتي رفضت كل عروض الزواج كي تبقى لجانبنا وتربينا بعد وفاة والدتنا معروفة في الحي بحدتها وشدة غضبها كما نقول بالعامية "قباحتها" فلا يمضي يوم إلا وتشاجرت فيه مع الجيران، وعندما تزوج شقيقي الأكبر تحول المنزل لساحة معركة وشد للشعر وتكرر الأمر مع كنائننا الخمسة واللواتي يغادرن المنزل مفضلات الطلاق أو العيش ببيت قصديري على البقاء مع شقيقتي التي تستعبدهن في الأعمال المنزلية وتعيرهن باستمرار، والآن وبعد أن أصبحت شقيقتي بمفردها في البيت تطلب مني العودة رفقة زوجتي وأبنائي للعيش معها غير أنني رفضت خاصة وأنها أحرقت ابني الصغير بالسكين لدخوله غرفتها.

أما "صفية" ابنة جسر قسنطينة، فتحمل الكنائن مسئولية الشجارات اليومية معتبرة أن الأمر لا علاقة له بالغيرة أو الرغبة في التحكم بشؤون البيت والعائلة إنما يتعلق باستهتارهن وتهاونهن في شئون البيت، مستطردة أنها عندما كانت بمفردها تنظف البيت وتطبخ وتمنح والدها المريض علاجه وكل ذلك تقوم به قبل الساعة التاسعة صباحا لكن بعد زواج شقيقها جلب عروسا لا تستيقظ إلا على الساعة الحادية عشر صباحا فكيف لا يحدث صدام وشجار بيننا؟.

من جهة، يرى المختصون في علم النفس أن ما تقدم عليه بعض الفتيات العوانس من تحكم في شئون الأسرة يعود إلى تقدمهن في السن حيث يرين أنفسهن بحكم كبرهن على الكنائن أكثر خبرة منهن ومقدرة على تسيير أمور وشئون الأسرة، بالإضافة لعدم وجود حياة خاصة بهن تشغلهن فيفتعلن المشاكل والخلافات بغية لفت الانتباه، لذا فبمجرد زواجهن تنتهي جل الخلافات والصراعات العائلية وبالإمكان تفادي هذه الخلافات على حسب المختصين بمحاولة خلق أجواء والحديث وتبادل الآراء والاستعانة بمشورة الأكبر سننا.