تحديد هوية "الوحش" الذي اختطف وقتل الطفلة شيماء تحت
صيحات الله أكبر.. الله أكبر، إنا لله وإنا إليه راجعون، ودعت عائلة
يوسفي، وجميع أقاربها وأحبابها وجيرانها، الطفلة شيماء وسط أجواء يملؤها
الحزن بعد نزول خبر قتلها، كالصاعقة المدوية وظل بعضهم مصدوما لتفاصيل هذه
التراجيديا التي ضبط توقيتها القدر ليلة الأربعاء الماضي، في حدود الساعة
التاسعة صباحا.عقارب الساعة كانت تشير إلى الحادية عشر
صباحا، عندما دخلنا منطقة معالمة بأعالي دائرة زرالدة في العاصمة، تعزيزات
أمنية مكثفة، حيث تم نشر عناصر الدرك الوطني على كافة الطرق المؤدية لمنزل
عائلة يوسفي، خاصة بعد أن انتشرت شائعات مفادها خروج المواطنين إلى الشارع
للتنديد بالعمل الإجرامي في حق طفلة بريئة لا يتعدى عمرها 8 سنوات.. لحظات
فقط وصلنا إلى بيت الضحية، جموع غفيرة من المعزين الذين توافدوا ساعات
قليلة بعد حادثة مقتل شيماء، نساء وشيوخ وتلاميذ ومعلمو المدرسة حيث تدرس
الضحية، فضلا عن عائلتها التي جاءت من أقصى الجنوب الجزائري.
وبمجرد
دخولنا بهو الدار سمعنا، صوت عويل امرأة قادم من الغرفة المحاذية تقول
"أين أنت يا فلذتي كبدي... سوف لن أراك مرة ثانية حسبي الله ونعم الوكيل"
..، تقدمنا خطوات إلى الأمام فإذا هي أم شيماء التي بدت شاحبة الوجه
وعيناها منتفختان من الدموع التي كانت تذرف من عينيها كطلقات مدفع ويداها
كانتا فوق نعش ابنتها المغطى بكفن أبيض.. اقتربنا منها وحاولنا مواساتها
لنذكرها بأن ما حدث إنما هو مكتوب وقدر الله سبحانه وتعالى، وكلنا إليها،
لكنها لم تستطع أن تتمالك نفسها خاصة أن ابنتها قتلت بطريقة بشعة جدا.
جو رهيب خيم على المكان وزاده رهبة، صراخ جدة شيماء التي كانت
تصيح بأعلى صوتها، وحسب أفراد العائلة فإنها مرتبطة جدا بالضحية ولم تتحمل
فراقها، حيث كان ينتابها نوع من الهستيريا بين الفينة والأخرى، فيما تبكي
خالتها التي كان يبدو على ملامحها التعب والكآبة بادية على وجهها.
في تمام الواحدة و25
دقيقة وبمجرد حمل نعش الطفلة شيماء، تعالت عبارات "الله أكبر.. الله
أكبر.. إنا لله وإنا إليه راجعون"، ممزوجة بصراخ وعويل النسوة، اللائي
أردن الخروج إلى الشارع للاحتجاج، إلا أن الرجال منعوا ذلك، فيما رددت بعض
النسوة اللائي كن في عين المكان بعض التهاليل التي تقشعر لها الأبدان
وتدمع لها الأعين.
وأكد
قائد الكتيبة الإقليمية للدرك الوطني بزرالدة، النقيب صالح إبراهيمي، في
لقاء مع "الشروق" أمس، تحديد هوية المشتبه الرئيسي في اختطاف الطفلة
شيماء، ويتواجد حاليا في حالة فرار، مفندا الإشاعات التي تقول أن الضحية
تعرضت لشق بطنها وسرقة أعضائها، فقد عثر عليها بعد ثلاثة أيام من البحث من
طرف فرقة الدرك الوطني لمعالمة باستعمال كلاب بوليسية في مقبرة الدوار
بسدي عبد الله عن طريق أحد الموطنين الذي أبلغ عناصر الدرك التي تنقلت
فورا إلى عين المكان، حيث عثر عليها وأثار الضرب بادية في كل أنحاء جسمها،
ولم تكن جثة الضحية منزوعة الملابس، وقد تم استدعاء مصالح الشرطة العلمية
والتقنية التي رفعت عينات من مسرح الجريمة، وعن طريق المعهد الوطني لعلم
الإجرام والأدلة الجنائية تم تحديد هوية المتهم الرئيسي في اختطاف وتعذيب
الطفلة شيماء، فيما تم تشريح جثتها بمستشفى زرالدة، ولم يتم إثبات حالة
الاغتصاب من طرف الطبيب الشرعي إلى حد الآن.