خالد ومحمد.. ولدا في يوم واحد وعاشا سويا وماتا في يوم واحد ب . عيسى
خالد أنبأ أمه أنه سيموت مع صديق عمره تحوّل
حادث مرور خلّف قتيلين إلى فاجعة هزت ولاية ميلة بأكملها، ووقع الحادث بعد
حفلة عرس بالطريق الرابط بين جيجل وميلة، وراح ضحيته شابان يلقبان
بالتوأم، رغم أنهما ليسا شقيقين، وهما خالد جزيري ومحمد الصالح كروش
البالغان من العمر 22 سنة، واللذان ولدا في اليوم نفسه من السنة نفسها،
وفي نفس المنطقة بسيدي خليفة في ولاية ميلة .
تقول والدة خالد التي فقدت زوجها منذ سنوات وترك لها
خالد ابنا وحيدا، كان بالنسبة إليها النور الذي تستضيء به، أنها سألت قبل
الحادثة ابنها عن سر ملازمته صديقه محمد الصالح، فقال لها: "أقسم أنه صديق
عمري وشقيقي الذي لم تلديه". وقال لها بأن القدر أراد لهما أن يولدا معا
وأن يدرسا منذ السنة الابتدائية إلى الثانوية معا، وأن يغادرا مقاعد
الدراسة معا، وزلزلها بالقول "وسنموت إن شاء الله معا"، ولم تمر سوى بضع
ساعات حتى زار محمد الصالح صديق عمره وأخطره بضرورة حضور عرس أحد
الأصدقاء، ورغم تردد خالد إلا أنه أذعن لطلب صديقه وتوجها معا ليصنعا فرحة
زميلهما فكانا نجمي العرس بلا منازع، وتواصل العرس إلى غاية الثانية
صباحا، ليقررا العودة إلى عائلاتيهما عبر سيارة خالد وهي من نوع "فيات
بوندا"، ولكن في الطريق الرابط بين ميلة وجيجل فاجأتهما شاحنة بمقطورة
مخصصة لنقل السيارات الخفيفة، غلب النوم سائقها فانحرف نحو سيارتهما فكان
الحادث الذي وصفه رجال الحماية المدنية بالفظيع، إلى درجة أن رأس محمد
الصالح انفصل عن جسده وأجبر الحادث عائلته على رتقه قبل دفنه، ووجدت
الحماية صعوبة بالغة في استخراج جثة خالد بعد أن استقر مقود السيارة في
صدره.. أفراد عائلتي الضحيتين مازالوا تحت الصدمة، ومع ذلك اختصروا للشروق
اليومي حياة خالد ومحمد الصالح في كلمات. لقد ولدا في زمن واحد ودرسا
الابتدائي والمتوسط معا في سيدي خليفة وانتقلا معا للدراسة في ثانوية
بميلة وتوقفا عن الدراسة دون بلوغ البكالوريا معا، ظلا يسافران للشواطئ
معا ويتابعان أخبار المنتخب الوطني معا، إلى أن ماتا معا. وهو ما جعل
العائلتين تتفقان على أن تدفنهما جنبا إلى جنب ليصبحا رمزا لصداقة لم
تتمكن حتى الموت من تفريقهما، وبينما ما تزال والدة محمد الصالح تحت
الصدمة تنتظر عودة ابنها؟ تتذكر والدة خالد بصبر ما قاله خالد لها " محمد
الصالح هو أخي الذي حُرمت منه وأينما أكون يكون معي أخي".
عن الشروق الجزائرية ليوم 07/06/2011