الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه ومن اتبع هداه الى يوم الدين
لقد بلغ من عناية الله بحقوق الوالدين ان قرن برهما والاحسان اليهما بعبادته وتوحيده فقال تعالى :
واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا ( سورة النساء الاية 36 )
وقال تعالى : وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا ( سورة الاسراء الاية 23 )
وقال تعالى : قل تعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا ( سورة الانعام الاية 151)
وبر الوالدين الاحسان اليهما والقيام بحقوقهما والتزام طاعتهما واجتناب اساءتهما وفعل ما يرضيهما والبر حق لازم
الا ما حرم حلالا او احل حراما فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ومن هنا نعلم ان طاعة الوالدين من اوجب الواجبات
وافضل القربات وان عقوقهما من اكبر الكبائر واعظم الذنوب واذا ثبت بالدليل القطعي ان للقرابة والرحم حقا هو صلتهم
والقيام بحقوقهم والبعد عن قطيعتهم واولى القرابة والداك الذي كان سببا لوجودك والاصل في تنشئتك وتعليمك وتهذيبك فلا جرم
ان حقهما يتضاعف ومسوؤليتهما تعظم وايهما يحترم ومن احق ببر الوالدين من الولد قال: صلى الله عليه وسلم
لا يجزي ولد عن والده حتى يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه ( رواه مسلم وابو داود)
وقد رغب الله في بر الوالدين وحض عليه وامتدح بعض رسله على برهم فقال عن يحيي : وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا ( مريم الاية 14)
وعن عيسى: وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا( سورة مريم الاية 32 )وعن يوسف: ورفع ابويه على العرش( يوسف الاية 100)
وعن اسماعيل: ياابت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين ( سورة الصافات الاية 102)
فقد جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اني اشتهي الجهاد ولا اقدر عليه . فقال صلى الله عليه وسلم :
هل بقي من والدايك احد قال : امي . قال صلى الله عليه وسلم : قابل الله في برها فاذا فعلت ذلك فانت حاج ومعتمر ومجاهد
(رواه ابو يعلى والطبراني باسناد جيد).
وقد ثبت وجوب بر الوالدين من الكتاب والسنة واجماع الامة وقد ثبت برهما وان كانا مشركين لقوله تعالى :
وان جاهداك على ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا ( سورة لقمان الاية 15)
وفضل بر الوالدين عظيم عند الله تعالى حيث قال صلى الله عليه وسلم: العبد المطيع لوالديه والمطيع لرب العالمين في اعلى عليين
اخرجه الديلمي في مسند الفردوس كما ان بر الوالدين كفارة للذنوب والكبائر وعن انس بن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: من سره ان يمد الله في عمره ويزاد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه ( رواه احمد).
كما ان البر لاينقطع بموت الوالدين وعن انس بن مالك رضي الله قال : عن ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
ان العبد ليموت والداه او احدهما وانه لهما لعاق فلا يزال يدعو لهما ويستغفر لهما حتى يكتبه الله بارا (رواه البيهقي في شعب الايمان)
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: قال رسوا الله صلى الله عليه وسلم : اذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية
او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له ( رواه البخاري ومسلم وابو داود).
كما ان صلة اصدقاء الوالدين من البر والنظر الى الوالدين عبادة كما ان لين الجانب للوالدين من البر لقوله تعالى:
وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وايضا الاستئذان عليهما والقيام لهما لقوله تعلى : واذا بلغ الاطفال منكم الحلم
فليستئذنوا كما استئذن الذين من قبلهم ( سورة النور الاية 59).
واذا نظر الانسان الى ما تعانيه الام من الم الحمل والوضع وما تتحمله من المشقة والعناء في تربية ولدها والقيام بشوؤنه صغيرا
والعطف عليه كبيرا لاشك ان ذلك المجهود من كل من الابوين يدعو الولد الى البر بل يوجب المبالغة في البر والاحسان والاكرام والصلة
وقد اشار القران الكريم الى بعض هذه المصاعب فقال تعالى: حملته امه كرها ووضعته كرها (سورة الاحقاف الاية 15) ...كما ان رضا
الله في رضا الوالدين .
اللهم ارحم والدينا واغفر لهم وارض عنهم رضا تحل به عليهم جوامع رضوانك وتحلهم به دار كرامتك وامانك ومواطن عفوك وغفرانك
اللهم برهم اضعافا كما كانوا يبروننا وانظر اليهم بعين الرحمة كما كانوا ينظروننا اللهم وما هديتنا له من الطاعات ويسرته لنا من
الحسنات ووفقتنا له من القربات فنسالك اللهم ان تجعل لهم منها حظا ونصيبا وما اقترفناه من السيئات واكتسبناه من الخطيئات
وتحملناه من التبعات فلا تلحقهم منا بذلك حوبا ولا تحمل عليهم من ذنوبنا ذنوبا اللهم كما سررتهم بنا في الحياة فسرهم بنا بعد الوفاة.
اللهم اجعل امي سيدة من سيدات الجنة وجميع امهات المسلمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته