السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
---
لا نتحدّث هنا عن المعلِّمات والمدرِّسات في المدارس الرسميّة أو الخاصة، بل نشير إلى نوع جديد نسبياً من المعلِّمات، وهي التمثيليات والمسلسلات التي تغزو الفضائيات في الأيام العادية وفي شهر رمضان على وجه التحديد حيث تكون حمّى المنافسة في عرضها واستعراضها، على أشدّها.
لماذا أصبحت المسلسلات معلِّمات وربّما أمّهات أيضاً؟
التمثيل منذُ أقدم العصور وسيبقى، العامل الأكثر تأثيراً في تشكيل ذهنية وعواطف المشاهد.. لأنّه يجسِّد المشاهد والمواقف بشكل حسّي ملموس ومنظور ومسموع، فيوحي بالفكرة أو يبثّها ويرسلها مقشّرة أو معلّبة في قالب فنّي جذّاب يستهوي النفوس.
أصحاب التجارب (البصرية).. وتُجّار الدعارة باسم الفنّ، يتفنّون في تزريق الأفكار والمفاهيم والسلوكيات المنحرفة في أفلامهم ومسلسلاتهم ممّا قد يفوّت على الشاهد غير الناقد فرصة الرصد والنقد والفرز بسهولة.
هل الحلّ أن نمتنع عن المشاهدة؟
هذا حلٌّ سوف لن يجد أذناً صاغية، ولا عيوناً عمياء؟!
إنّ الإغراء بالمشاهدة شديد، والتأثير الفنّي على المشاهد قويّ وأكيد.. الدراسات تقول إنّ هناك علاقة طرديّة بين ما يشاهده الشاب أو الفتاة وبين (الانحراف) حتى ان 64 % من البرامج المثيرة (أفلام، مسلسلات، مسرحيات) هي ممّا تشاهده هذه الشريحة، وهي أعلى نسبة مشاهدة، فهي تفوق نسبة مشاهدة البرامج الرياضية والأخرى التوجيهية.
مكمن الخطورة في (التقليد) و(المحاكاة) فكما تؤثر أفلام العصابات على الذكور من الشباب لتحدث فيهم اضطرابات نفسية وسلوكية، وبالتالي تؤدِّي إلى ارتكاب جرائم صغيرة أو كبيرة، فكذلك تؤثر الأفلام العاطفية أو الغرامية الملتهبة على مشاعر الفتيات، ممّا ينجم عنه حالات من التورط المؤسف أحياناً.. وقد يقعن ضحايا الانجرار إلى الشهوة نتيجة المشاهد المثيرة لغرائزهنّ((9)).
وكلّما زادت (الجرعة) زادت (الجرأة).. كما يقال.
تلك قاعدة إعلامية.. تربوية.
وطالما كانت الجهات المشرفة والمعنيّة بالتوجيه الإعلاميّ تتقصّد ـ أحياناً ـ الإساءة إلى الشباب والفتيات من خلال عروض مخلّة بالآداب والعفّة، فالحلّ إذاً لا يأتي ـ في جانب كبير منه ـ إلاّ من الداخل.
وعودة إلى العنوان.. فإنّ الملاحظ، ومن خلال استطلاعات ميدانية أنّ كثيراً من الأمّهات والمعلّمات تنازلن للمسلسلات والأفلام في تربية البنات، فإذا التقى هذا مع ضعف الجانب الثقافي والإيماني والعلاقاتي (نعني صحبة أصدقاء وصديقات السوء).. كانت الطامّة الكبرى!
إنّ درساً عملياً واحداً تقدِّمه أمّ لابنتها في صدق ومحبّة وإخلاص لسوف يبقى رفيقاً ملازماً لها حتى آخر العمر، فكم تفرّط أمٌّ جاهلة أو متجاهلة، إتكالية أم متكلة، بدورها التربوي الذي لا يضاهى ولا ينافس، إن هي أوكلت المهمة لغيرها من (الأمّهات) أو (المعلّمات) غير المهذّبات أو غير المسؤولات.
وبطبيعة الحال، فليس كلّ انتاج درامي: تلفزيونيّ أو سينمائيّ، هابط وساقط ومنحطّ، فنحن لا نغمط التجارب الفنّية الصالحة حقّها، فهي تغني الثقافة، وتثري حركة القيم في خطّ السلوك، وتعزّز القناعات الأوّلية، وقد ترشد إلى الهدى والخير والاصلاح.
إنّ الخلفيّة التربويّة المتينة، وثقافة الشاب أو الفتاة العامّة والأسرية والشرعية، وتقويم السلوك الايجابي واعتماده من خلال البناء الروحيّ والأخلاقيّ، والصداقات الصالحة، والمشاهدة الناقدة، بل المشاهدة الجماعية أيضاً.. من بين أهم عوامل امتصاص الآثار السلبية للمشاهدة التلفازية أو السينمائية أو المسرحية.
المصدر : كتاب , الشباب ...شؤون وشجون
مع تحيــــــmeteore2000ـــــــآت