غياب الرقابة يضاعف من معاناة الأسر
نار في الأسعار عشية رمضان
أيّام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان الكريم
الذي سيوافق لهذا العام شهر أوت، ومواكبة لهذه الأجواء بدأت العائلات
الجزائرية الإعداد لهذا الشهر كالعادة، حيث يقتني أغلب المواطنين المواد
الغذائية المستهلكة بكثرة خلال هذا الشهر، لكن هذا العام فاجأتهم الأسعار
الباهظة لهذه المواد الضرورية لإكمال هذا الشهر·
إذ تشهد هذه الأيّام أسعار المواد واسعة
الاستهلاك بأسواق العاصمة ارتفاعا ملحوظا قبيل أيّام قليلة من حلول شهر
رمضان المعظم· مواد غذائية متنوّعة معروضة على طاولات الباعة في الأحياء
الشعبية والأسواق الفوضوية بأسعار مرتفعة كسوق ساحة الشهداء وسوق باب
الوادي وسوق الخضر بحي (الروتشار)، حتى أن بعض العائلات لم تستطع اقتناءها
وفضّلت انتظار حلول الشهر أملا في انخفاض الأسعار في الأيّام الأولى منه
إلاّ أن هناك بعض المواطنين يفرغون جيوبهم قبل حلول هذا الشهر فيشترون هذه
المواد الضرورية بتلك الأسعار الباهظة، فالأهمّ عندهم هو قضاء شهر رمضان
دون الشعور بنقص أيّ شيء ينغّص عليهم صومهم وإفطارهم· ولأجل ذلك تلجأ بعض
العائلات إلى الاقتراض من أجل الأكل بترف في رمضان، بل ربما يشترون بالدين
ثمّ يقومون برمي هذه المواد في المزابل·
من جهة أخرى، يرجع بعض الباعة في حي
(الروتشار) ارتفاع أسعار المواد الغذائية الخاصّة بهذا الشهر إلى استغلال
بعض الباعة الجدد للمواطنين البسطاء الذين يخافون نفاد السلع في شهر رمضان
أو أن تلجأ بعض المحلاّت إلى غلق أبوابها بعد حلوله· إذ أن هناك من الباعة
مَن يبدّلون تجارتهم التي كانوا يمارسونها خلال العام، حيث يستغلّون تهافت
المواطنين على المواد الغذائية فيقومون ببيعها بأثمان باهظة، ويروّج البعض
أن المواد سيزيد سعرها في شهر رمضان وربما ستنفد قبل حلوله، ويدخل المواطن
في هذه اللّعبة فيصاب بنوبة هلع فيسارع إلى اقتنائها بأسعارها المرتفعة
وبكمّيات كبيرة دون التفكير في العواقب فيقوم بتخزينها ثم غالبا ما يصاب
بالنّدم حين يلاحظ الانخفاض النّسبي للأسعار خلال هذا الشهر· إذ يخشى
البائع كساد سلعته، وفي ظلّ المنافسة يلجأ إلى إنقاص الأسعار وربما إلى
تغيير نوعية المواد إلى مواد خاصّة بصنع الحلويات تماشيا مع قرب العيد·
من جانب آخر، يدعو المختصّون الاجتماعيون
العائلات الجزائرية إلى تأسيس نظام غذائي خاص بهذا الشهر دون التعرّض
إللإسراف، حيث تنجرف معظم العائلات وراء نزعتها الاستهلاكية فتشتري كلّ ما
تشتهيه دون مراعاة دخلها وعدم التوازن بينه وبين المشتريات فتصاب بأزمة
مالية في منتصف الشهر ولا تستطيع حتى استقبال الضيوف ودعوة الأقارب إلى
الإفطار معها· من جهته، المواطن يشتكي من هذا الاستغلال الذي يتعرّض له من
قبل هؤلاء الباعة الذين لا يهتمّون إلاّ برفع الأسعار لضمان أكبر ربح ممكن
مع المواطنين البسطاء، فهذا السيناريو يتكرّر كلّ عام وبالنّسبة لنفس
المواد الغذائية التي تشهد استهلاكا كبيرا في هذه الفترة· فالمواطن يضطرّ
إلى إفراغ جيوبه حتى قبل حلول هذا الشهر ويقترض في نصفه لإكمال ما تبقّى
منه والاستعداد لاستقبال العيد والدخول المدرسي، كما استنزفت العطلة
الصيفية والخرجات إلى الشواطئ ومساحات التسلية كلّ مدّخراته·،لذا، فإن أغلب
العائلات تطالب بتكثيف الرقابة في الأسواق الشعبية ومتابعته بصفة دورية،
خاصّة خلال هذه الفترة لأن الأسواق حسب هؤلاء المواطنين تسير في واد بعيد
عن الرقابة والضوابط العامّة لحماية قدرة المستهلك الشرائية·