]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/align]

كيف تستثمر عطلة الصيف؟!

بقلم / علي السيد - عن موقع المربي

ها هي عطلة الصيف قد بدأت، وأخذ الكثير من الناس يفكر في كيفية قضائها، فمنهم من يريد السفر، وآخرون يتطلعون إلى بيت الله الحرام، وغيرهم يضعون برامج مفيدة في دنياهم، وأخراهم، لتنفيذها في تلك العطلة.
قد يكون من المحتّم - قبل الحديث في هذا الأمر - أن نقف عند قيمة الوقت في حياة الإنسان، فالوقت أغلى ما يملكه الإنسان في حياته، ولا يعرف قيمة الوقت الحقيقية إلا الإنسان المسلم، كيف لا، وهو يعلم أنه مسئول عنه أمام الله تعالى؟ كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ؟ أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ؟ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ؟ ).
ففي هذا الحديث هناك سؤالان، من أصل أربع أسئلة، تدور حول الوقت الذي أمضاه الإنسان في رحلة العمر كاملة، وفي مرحلة الشباب خاصّة، وذلك لأهمية هذه المرحلة في حياته، وقد فهم السلف ذلك، فهذا الحسن البصري يقول: يا ابن آدم إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما" وهذا آخر يقول:" يا ابن آدم إنما أنت أيام، إذا ذهب يوم ذهب بعضك".
ولأهمية الوقت أقسم الله به في مطالع كثير من السور، كسورة النصر، وسورة الفجر، وغير ذلك من السور.
أخي المسلم؛ بعد هذه الوقفة القصيرة حول أهمية الوقت، أضع بين يديك تصوّراً عن كيفية قضاء العطلة الصيفية، وغيرها من العطلات الرسمية، حتى لا يضيع العمر سدىً. ومن ذلك:
1/ تعاهد القران بالقراءة، والتعلّم، والحفظ، والتدبر: إذ لا يخفى عليك أخي المسلم ما لقارئ القران من الأجر العظيم، فعن أَبُي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ " .
وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلىالله عليه وسلم: " مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا. لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ ".
وكذلك ورد في في فضل تعلمه وتعليمه ما رواه عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ".
أمّا حفظه، أو حفظ أجزاء منه - على الأقل - فأمر ضروري، لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ ".
وهذا القران رسالة الله إلى خلقه فعليهم فهمه وتدبره، قال تعالى: ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ). وكان بعض السلف يقول " إذا سمعت المثل في القران فلم أفهمه بكيت على نفسي.
2/ قراءة، وفهم، وحفظ، أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: وإن كان قدراً يسيراً، واسمع معي إلى ما قاله يحي بن سهيل رحمه الله:" كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث" .
3/ قراءة الكتب والقصص النافعة: قيل لبعض السلف من يؤنسك؟ قال: فضرب بيده علىكتبه وقال: هذه، فقالوا: من الناس! قال الناس الذين فيها.
4/ طلب العلم ومجالسة العلماء: وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم فضل الخروج في طلب العلم فقال: (من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع). ويرحم الله الإمام أحمد بن حنبل فقد كان يقول: أنا في طلب العلم إلىأن أدخل القبر .
نعم هذه هممهم وكيف لا وهم يتطلعون إلى جنة الله ورضوانه؟.
ومن تكن العليا همّه فكل الذي يلقاه فيها محبب
5/ البكاء على الخطيئة: فقد كان سعيد بن المسيب يبكي بالليل حتى عمش ، وكان حذيفة رضي الله عنه يبكي بكاء شديداً فقيل له: ما بكاؤك؟ فقال لا أدري على ما أقدُم؟ على رضا، أم على سخط؟ وقال أبو رجاء العطاردي: رأيت ابن عباس وأسفل من عينيه مثل الشراك البالي من الدموع. وقال أبوحيان التميمي سمعت منذ ثلاثين سنة أو أكثر أن عبد الله بن مسعود مرّ على الذين ينفخون على الكير فسقط.
6/ صلة الأرحام: عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ". ومعنى ينسأ له في أثره: أي يؤخر، ويزاد، ويبارك له في أجله، وعمره.
7/ العمرة: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ).
8/ الترويح عن النفس: فالنفوس تمل والأبدان تسأم، والترويح بالحلال لا يُمنع، كالنزهة اللطيفة، والطرفة المباحة، وركوب الخيل، والسباحة، والمطالعة، والرمي، والرياضات الأخرى، قال صلى الله عليه وسلم: " ... وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ".
وأخيراً أوصي نفسي، وإخواني الذين يحزمون حقائبهم للسفر إلى بلاد الكفار، أو الأماكن التي يكثر فيها الفساد بهذه الوصايا:
1/ تذكّروا أن العطلة فرصة ثمينة لأصحاب العقول، كي تعود عليهم بالنفع في دنياهم وأخراهم، فلا تضيعوها فيما لا ينفع، واعلموا أن الله سائلكم عنها.
2/ تذكّروا أن الموت قادم، ولا يعلم ميعاده إلاالخبير العليم، فالله الله أن يأتيكم وأنتم على معصية؟
3/ تذكّروا أن الله تعالى جعل في أعناقكم أمانة الزوجة، والأولاد، وأنّ من الأمانة ألا تسافروا بهم إلى بلاد الفجور، والمعاصي.
4/ تذكّروا الغيرة على المحارم، وأنّ غيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه.
5/ تذكّروا أنّ لله فرائض عليكم، فلا تضيعوها، ومن أهمها الصلاة، ولا حظّ في الإسلام لمن تركها.
6/ تذكّروا نعمة الله عليكم في المال، وأدّوا شكرها، وذلك بإخراج الزكاة، والصدقات، ولا تنفقوا هذا المال في معصية الله تعالى.
7/ تذكّروا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر أينما حللتم، فـ ( المؤمن كالغيث؛ أينما وقع نفع ).
8/ تذكّّروا حقوق الناس عليكم من ديون وغيرها، وردّوها إلى أصحابها قبل أن تفكروا في السفر.
9/ وختاماً: يا من فررتم من الحرّ؛ اعلموا أنّ نار جهنم أشد حراً، فماذا أعددتم لها؟ قال تعالى:
(لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) .[/align]