ولن يُخفف عنك آلام الدنيـــا إلا الصلاة ..
فلماذا تسرق من ركوعك وسجودك؟!
عن أبي قتادة قال: قال رسول الله "أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته". قالوا: يا رسول الله، وكيف يسرق من صلاته؟، قال "لا يتم ركوعها ولا سجودها" [رواه أحمد وصححه الألباني، مشكاة المصابيح (885)]
...
تخيَّل لو أنك أهديــت صلاتك لأحد البشر .. هل يقبلها منك على ما تسرقه منها؟
فما بــــالك وأنت تُقدِّم صــلاتك لربِّ البــشر ؟!
أعظم من تُنـــاجي في هذا الكون بأسرِه ..
فلابد أن تُقدِّم صلاة تليـــق بالله عزَّ وجلَّ ..
كان النبي يجعل ركوعه وقيــامه من الركوع وسجوده وجلسته بين السجدتين قريبًا من السواء .. فإذا كان قيامه يستغرق خمس دقائق أو أكثر، فإن ركوعه وسجوده يستغرق قريبًا من هذا الوقت ..
فمَنْ منا يركع لمدة دقيقتين فضلاً عن خمس دقائق؟!
اشبــــع من الركـــوع؛ فإن له طعمٌ وجمالٌ خــــاص،،
تذوَّق جمـــال الركوع
ومما يُعينك على تذوق جمـــال الركـــوع أن تتدبَّر في معانى الأذكــار الواردة فيه .. وقد ورد عن النبي عدة أذكار للركوع، كان يقول كل ذكرٍ منها على حِدة ولم يكن يجمع بينهم .. منها:
1) سبحــــان ربِّي العظيــــم .. عن حذيفة : أنه صلى مع النبي ، فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم .. [رواه الترمذي وصححه الألباني (262)] .. يكررها ثلاث مرات، وأحيانًا يكررها أكثر من ذلك.
ومعنى التسبيــــح: التنزيــــه .. أي أن أُبعِد عن الله عزَّ وجلَّ كل ما لا ينبغي أَن يوصف به؛ ولذلك ورد التسبيح في القرآن عند ذكر ما لا يليق نسبته إلى الله جلَّ وعلا .. مثل قوله تعالى {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنعام: 100]، وقوله جلَّ وعلا {.. وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31]
وتقول: سُبْحَانَ رَبِّي .. بدلاً من قول: سبحــان الربِّ؛ لأن الإضافة فيها مزيدٌ من المحبة والمشاعر .. حتى يستشعر الإنسان قُربه من الله عزَّ وجلَّ بهذه الكلمات ذات المدلول العظيم.
2) سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ .. عن عَائِشَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ. [صحيح مسلم (752)]
سُبُّوحٌ: صيغة مبالغة من سبحان، وهو تنزيه الله عزَّ وجلَّ عن كل نقص .. قُدُّوسٌ: أي طاهر، فالقداسة هي الطاهرة .. وَالرُّوحِ: قيل مَلَكٌ عظيم، وقيل يحتمل أن يكون جبريل عليه السلام، وقيل خلقٌ لا تراه الملائكة كما لا نرى نحن الملائكة والله سبحانه وتعالى أعلم.
3) سبحان ربي العظيم وبحمده .. ثلاثًا. [صححه الألباني، صفة الصلاة (1:133)]
4) سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي .. كان النبي لا يدع هذا الذكر بعد نزول سورة النصر، يتأول القرآن.
والتسبيح .. دائمًا يرد في الركوع والسجود؛ لأنه تنزيهٌ وبراءةٌ لله عزَّ وجلَّ من كل نقصٍ ..
أما وبحمدك .. أي: إنما سَبَحْتُكَ بتوفيقٍ منك لي، وهدايةٌ وفضلٌ عليَّ .. وإلا فأنا وحدي بدون توفيقك، ليس لي قدرة على عبادتك .. فهذا فيه شكرٌ لله تعالى على هذه النعمة، والاعتراف والتفويض لله تبــارك وتعالى.
هذا بعضٌ من الجمال الظــاهر في الركوع ....
[center]