لطائف القرآن الكريم

قال تعالى : " يا أيهّا الرسلُ كلوا من الطيبات واعملوا صالحا " . المؤمنون .

اللطيف في هاته الآية ، واللمسة هنا تكمن في ترتيب عناصر هذا التركيب ، فلو تساءلنا أحقّ بالصدارة العمل الصالح أم الأكل الطيب لتبادر إلى أذهاننا العمل الصالح من عبادات ومعاملات وأخلاق... وما قيمة الأكل الطيب حتى يَسْبِقَ العمل الصالح ويُسْبَق بجملة النداء ، والغرض منها – كما نعلم – لفت الانتباه إلى المنادى إليه. ولكِنْ لأنّ الإنسان مخلوق من روح وبدن فقد أمر بالغذاء الطيب لأنّ فيه بقاء بدنه وسلامته من الأذى، وأُمر بالفعل الصالح لأنّ فيه كمال روحه وزكاء نفسه، ولأنّ تمام الأعمال وحسن أدائها متوقف على سلامة الأبدان والمحافظة عليها، فكان تقديم الأكل الطيب تنبيه إلى أنّه به يثمر العمل وبه يصلح القلب وعليه سائر البدن فتصلح الأعمال، وهذا تنبيه أروع آخر إلى حال من فسد أكله وخبث مطعمة كيف فسد قلبه وأُوذي بدنه ففسدت أعماله وخابت عواقبه.