الانحناء دون عاصفة ذل .. ؟؟

الانحناء دون عاصفة ذل .. ؟؟

عادة تنحني الأشجار بأنواعها المختلفة أمام هبوب العواصف والأعاصير ومنها
ماتنكسر أغصانها ومنها ماتقلع من جذورها إلا السنديان الذي ينحني ويعود
كما كان قبل العاصفة ..

لكن الانحناء دون عواصف يدل على مرض مزمن قد يصيب بعض الأشجار التي أصبحت
تحزن من الداخل. وبطبيعة الحال إن الانحناء دون عاصفة هو ذل وسير في طريق
الخنوع ويمكن أن يسميه عدد كبير من الناس بالتواضع.. علما أن التواضع دون
قوة وعزة نفس هو رياء ووضاعة.. فتواضع الصغار لافائدة منه ولا احترام أما
تواضع الكبار هو الذي يحترمه الناس ويؤثر في نفوسهم ويشيدون به في مجالسهم
الخاصة والعامة.. والكبير لايقدر بتكرار نفسه واجترار الاصطلاحات بل بمدى
تأثيره في المجتمع وتفاعله مع الناس وتحقيق مصالحهم المشروعة ورفع الظلم
عن كاهل المضطهدين منهم الذين لايستطيعون الدفاع عن أنفسهم وانتزاع حقوقهم
.. لايحترم الناس من كان ملمسه ناعما وداخله خشنا حاقدا حاسدا لأن الفعل
يدل على شخصية الفاعل والكذب يدل على المنافق .. نرى كثيرا من الناس
يظهرون مالا يخفون معتقدين أنهم غير مرئيين فيزدادون في توغلهم في التضليل
والتعتيم لكن الواقع يكشفهم على حقيقتهم آجلا أم عاجلا وهؤلاء يمثلون في
حياتهم صفرا على الشمال لايمكن أن يكونوا يوما رقما له قيمته بين الناس
فالانحناء أمام العاصفة أمر طبيعي في منطق الحياة أما الانحناء المجاني
الذي يعبر عن شخصية مهزوزة غير متوازنة فلا يقصد منه إلا التملق وحب
العبودية والهروب إلى أسفل الجبال والعيش في أثلام الحفر ومسارب الطرقات
التي لاتؤدي إلا إلى السراب والوهم والدخول في دائرة النرجسية والانطواء
فالأقدام القوية الثابتة هي وحدها التي تترك أثرا فوق الأرض العطشى التي
تخزن الماء في فصل الشتاء لتشرب منها الطيور العطشى في أيام الصيف الحار..
أما الأقدام الضعيفة فهي التي لاتقوى على المسير ولاتترك أثرا لأنها خائفة
وحافية ...........‏