سؤال:
أنا آنسة 24 سنة ، بصراحة أنا أحببت
حبّاً طاهراً خالٍ من اللقاءات والمواعيد , حبّاً طاهراً لإنسان طاهر ملتزم
، واعدني الزواج ، وطلب مني أن أنتظره لأن ظروفه صعبة ، أنا لا أنكر أنه
اتصل بي أكثر من مرة ، لكنني طلبت منه أن لا يتصل بي ؛ لأني غير راضية عن
ذلك ، مع أني أحبه ، لكنى شعرت أن الحب بدء يسير في الطريق الخطأ , فوافقني
الرأي ، واحترم رأيي , هو يراسلني بين حين وآخر برسائل على الإن...ترنت
حتى أعرف أخباره , أنا وهو على علاقة منذ سنة ، ولكن هو ظروفه صعبة جدّاً ,
على فكرة هذا الشخص أنا أعرفه عائليّاً وأعرف عائلته وعائلتي على علاقة
متينة ، أشهد أني أحبه في الله ، وواثقة من أنه يبادلني ذات الشعور ، ولكن
المشكلة أن بابي بدء يُطرق حتى وصل عدد العرسان المتقدمين لي 8 ، ولكني
أرفض في كل مرة لأني وعدته أن أنتظره ، أنا الآن حائرة هل ما أفعله حلال أو
حرام ؟ علما بأني أصلي الفروض والسنن والنوافل والحمد لله , وأقيم الليل
فأخاف أن تضيع حسناتي بما أفعل ؟ هل الحب الطاهر العفيف حرام ؟ وهل حبي
حلال أم أنه حرام ؟ .
الجواب:
الحمد لله
بداية أسأل الله
تعالى لك التوفيق والسعادة ، وأسأله سبحانه أن يكثر من أمثالك من الفتيات
اللاتي يحرصن على العفاف والطهارة ، ويلتزمن حدود الله في جميع شؤونهن ،
ومن أهم ذلك العلاقات العاطفية التي تساهل فيها كثير من الناس ، فضيعوا
حدود الله ، وانتهكوا محارمه ، فابتلاهم الله بالمشاكل التي نقرؤها ونسمعها
مما فيه العبرة لكل مسلم ، بل وكل عاقل .
ثم اعلمي أن المراسلات
والاتصالات بين الجنسين باب من أبواب الفتنة ، والشريعة مليئة بما يدل على
وجوب الحذر من الوقوع في حبائل الشيطان في هذا الباب ، حتى إن النبي صلى
الله عليه وسلم لما رأى شابا ينظر إلى فتاة نظراً مجرَّداً لوى عنقه كي
يصرف بصره عنها ، ثم قال : ( رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمَنْ
الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا ) رواه الترمذي ( 885 ) وحسنه الألباني في " صحيح
الترمذي " .
لذلك فقد أحسنتِ حين قطعتِ الاتصال بهذا الشاب ، ونرجو أن
تنقطع المراسلة أيضاً ؛ لأن المراسلة من أعظم أبواب الفساد التي فتحت على
الناس في هذه الأزمان ، وقد سبق بيان ذلك في العديد من الإجابات ، وانظري
إجابات الأسئلة : ( 34841 ) و ( 45668 ) .
ولا يعني هذا حرمة ميل الرجل
أو المرأة نحو شخص معين يختاره كي يكون زوجا له ، يشعر بالمحبة والمودة
نحوه ، ويعقد العزم على الارتباط به إذا ما تيسر الأمر ، فإن المحبة أمر
قلبي ، تُقذف في قلب المرء بأسباب معلومة أو غير معلومة ، إلا أنها إذا
كانت بسبب الاختلاط أو النظر أو المحادثة المحرمة أصبحت هي أيضا محرمة ،
وأما إذا كانت بسبب معرفة سابقة أو قرابة أو سماع عن ذلك الشخص ولم يملك
الإنسان دفعها : فلا حرج حينئذٍ من هذه المحبة ، بشرط أن تُلتزم فيها حدود
الله .
قال ابن القيم رحمه الله :
"إذا حصل العشق بسبب غير محظور :
لم يُلَم عليه صاحبه ، كمن كان يعشق امرأته أو جاريته ثم فارقها وبقي
عشقها غير مفارق له : فهذا لا يلام على ذلك ، وكذلك إذا نظر نظرة فجاءة ثم
صرف بصره وقد تمكن العشق من قلبه بغير اختياره ، على أن عليه مدافعته وصرفه
" انتهى.
" روضة المحبين " ( ص 147 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"قد يسمع إنسان عن امرأة بأنها ذات خلق فاضل وذات علم فيرغب أن يتزوجها ،
وكذلك هي تسمع عن هذا الرجل بأنه ذو خلق فاضل وعلم ودين فترغبه ، لكن
التواصل بين المتحابين على غير وجه شرعي هذا هو البلاء ، وهو قطع الأعناق
والظهور ، فلا يحل في هذه الحال أن يتصل الرجل بالمرأة ، والمرأة بالرجل ،
ويقول إنه يرغب في زواجها ، بل ينبغي أن يخبر وليها أنه يريد زواجها ، أو
تخير هي وليها أنها تريد الزواج منه ، كما فعل عمر رضي الله عنه حينما عرض
ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما ، وأما أن تقوم المرأة
مباشرة بالاتصال بالرجل : فهذا محل فتنة " انتهى .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 26 / السؤال رقم 13 ) .
والنصيحة لك بضرورة الانقطاع عن مراسلة هذا الشاب ، وإخباره بأن عليه
التقدم لخطبتك من ولي أمرك إن كان يريد الزواج فعلا ، ولا يتخذ الظروف
المادية أو غيرها عائقاً ومانعاً ، فالأمر يسير إن شاء الله ، ومن يرضى
بالقليل يغنه الله من فضله وسعته ، وليكن تقدمه إليك لإقامة العقد الشرعي
على الأقل ، وإن تأخر الدخول فلا بأس ، أما أن يبقى الأمر معلقا على نية
المواعدة على الزواج ، ثم تستمر المراسلة بينكما على ذلك ، فهذا – بحكم
الشرع والواقع والتجربة المتواترة – طريق خاطئ وباب إثم وفساد ، وتأكدي أنك
لن تنالي السعادة إلا بطاعة الله سبحانه ، والتقيد بحدود شرعه ، وأن في
الطرق المباحة غنية وكفاية عن الوسائل المحرمة ، ولكننا نضيق على أنفسنا
فيضيق الشيطان علينا .
وتأخرك في الزواج فيه ضرر بالغ عليكِ ، وقد
يتأخر بك السن ولا تتحسن ظروف ذلك الشاب ، فلا تتزوجينه ولا تتزوجي غيره ،
فاحذري من التأخر فليس فيه إلا الضرر ، واعلمي أنه قد يكون في أحد من
المتقدمين إليك من الدين والاستقامة أكثر من ذلك الشاب ، وقد يصير بينكما
من الحب والمودة أضعاف ما بينك وبين ذلك الشاب .
والله أعلم